السجن الوردي

من الذاكرة
السجن الوردي

تحدق في سقف غرفتها الوردي، حفظت هذا السقف وكيف لا وهي تمضي ساعات طويلة مستلقية على سريرها، لاتفعل أي شي إلا التحديق في السقف، هكذا تمضي أيامها، رغم إنها في مقتبل العمر، و للتو بلغت الثامنة عشر إلا إنها تعيش كمسنة تريد للوقت أن يمر .. فقط يمر حتى ولو لم تفعل شيئاً ... تلوح لها فكرة الخروج من المنزل والذهاب إلى مصدر تسليتها الوحيد وهو السوبرماركت القريب، تتراجع عن الفكرة بعد أن تتذكر إن خروجها من المنزل يجب على ورقة موافقته المرور على كذا ذكر ومسئول والخ فقط كي تخرج ومع مرافق .. يالله ماهذا التعقيد .. كي تلمح السماء بعد أن سئمت  من سقف غرفتها الوردي .. أو السجن الانفرادي الوردي.. ما الفرق بينها وبين السجين .. ما الذنب؟ هل فقط لأنها ولدت فتاة ؟ هل لأنها بدافع الفضول حادثت احد الرجال .. قبل أن تدرك ما هو الحب وما هي الصداقة .. قبل أن تفهم ما هو الجنس الأخر الذي تقول لها والدتها منذ صغرها هو ذئب .. قبل أن تفرق وتدرك .. ليس كل رجل نظر إليها وحادثها يريد الوصول إلى جسدها ..
تغمض عينيها وتهرب .. بعيدا .. بعيدا جدا إلى عالم الأوهام .. حيث تسير في الشارع والهواء يبعثر شعرها الذي سئم من لجمه تحت السواد، ان تكون كالفتيات في الأفلام التي تراها .. بدلا من ان تعيش مشاعرهم المصطنعة على التلفاز تعيش هي مشاعر حقيقية على ارض الواقع ... عالم الأوهام كان هو المفر الوحيد لها .. لذلك صنعت لنفسها حياة أخرى .. باسم جديد .. بطموح اكبر ... بشخصية أقوى .. بعقل انضج .. رسمت لنفسها صورة الفتاة التي تريدها ... الفتاة التي تعمل وتعتمد على نفسها.. الفتاة التي تمتلك شقة بشرفة وكلبا صغير تلاطفه
واليوم بعد مرور مايقارب التسع سنوات تبتسم عندما تذكر سجنها الوردي والسقف وخطط رسمتها في عقلها عن طريقة الموت التي تريد بها توديع العالم، بعد أن كانت تتخيل موتها وتبكي على نفسها حتى تلطخ الوسادة .. بكت على وفاتها بكت على شخصيتها القديمة ,, ودفعت الثمن لذلك هي اليوم تعيش حياتها كما تريد .

بعد ان تركت لهم السجن الذي ظنت انه أمان .. وحتى الاسم تركته لهم .. حافظت على اللقب لانه ارثها من والدها .. صاحت في وجهه والدتها .. لم أعد تلك الفتاة .. فلانة ماتت واليوم ولدت شخصية جديدة .. لذلك حتى الاسم تركته لكم .. من اجل الحرية




من تويتر
في هاشتاق "اكتب حاجة عن شخصيتك .. كتبت
انتمي لعائلة سلفية ، المرأة فيها تقدس الرجل لدرجة مقرفة ، كسبت نفسي وخسرت الكثير عندما وقفت أمام شوارب العائلة، أني لست بفتاة مدللة، تعلمت الاعتماد على نفسي رغم أن اعتمادي على نفسي لتحقيق أهدافي يرهقني ولكن أنا اخترت هذا الطريق، لولا تمردي لتزوجت في سن الثامنة عشر من رجل فاشل، لو صدقت كلامهم لما أصبحت كاتبة، لدفنت نفسي تحت قدم رجل .. لذلك تمردي
المرأة تخضع لأنها تريد الأمان، أتفهم هذا الشعور جيدا لأني مررت به ، لكن هل سجن المرأة هو الأمان؟ كنت أتصور أني فتاة ضعيفة، هكذا زرعوا في عقلي، أن في العالم الخارجي تعيش ذئاب بشرية ستلتهمني، اتفق مع موضوع الذئاب البشرية ولكن هذه الذئاب لن تلتهمك إلا في حالة واحدة إذا كنت نعجة، أما موضوع القوة اكتشفته بعد سنوات .. مازال تصوري لهيئتي وأنا أجر حقيبتي المملوءة بخيبات العائلة وأدهس على مخاوفي بينما أسير في المطار راكلة بعرض الحائط كل الهراء الذي دس في عقلي وأهاجر لوحدي وأنا على عتبة العشرين " يضحكني " حسنا ً أدركت معنى أن تكون الحرية بين يدي، لاتحكمني عائلة ولا أخاف من رجولة وهمية .. أن أعمل .. أكدح .. أكون امرأة مستقلة، جميل أن تمتلك المرأة حريتها ولكن الأجمل أن تفهمها، لذلك أتفهم مشاعر المرأة وأحاول جعلها تفهم ربما يكون العالم الخارجي أفضل والسجن لن يكون في يوم من الأيام أمان وفي الختام لا توجد امرأة ضعيفة، توجد امرأة لم تمتلك الفرصة بعد لاختبار مدى قوتها، أو بالتحديد لكي تكتشف كم هي قوية


 كلمة شكر للأستاذ فواز الشروقي على روايته الدفنة التي أيقظت فيني الذكريات .. لولا تمردي لكنت هناء أو ربما تهاني أو واحدة من فتيات الحي .. شكرا فواز يقضت ايق

تعليقات

المشاركات الشائعة