شانيل تحت الوصاية

شانيل تحت الوصاية 

مقال تم نشره في موقع ارفع صوتك 


لم يصل الإنسان إلى ما وصل إليه اليوم إلا بسبب قدرته الهائلة على التهيؤ والتكيف وسط محيطه و بيئته، واستخدام الموارد المتوفرة لمصلحته ومن أجل استمراره.  إن العراقيل التي تقف في وجه المرأة اليوم غير متساوية في جميع المناطق.  وتختلف من منطقة إلى اخرى بحكم العادات والتقاليد والدين والقانون وأمور أخرى.

 منذ ست سنوات، أثناء مشاركتي في أحد المنتديات، تعرفتُ على مجموعة من العضوات اللاتي كن يشتكين بسبب القوانين التي تفرضها الدولة أو العادات التي يفرضها المجتمع وتمكن ولي الأمر من فرض سيطرته إلى حد الظلم ومنعهم من الخروج للعمل، لذلك كان لا بد من البحث عن وسائل بسيطة وممكنة يمكنّهن من كسر القيد على حريتهن. كما أقول دائماً إن الأمان الاقتصادي هو أول الطرق للتحرر من سلطة الرجل. ولكن كيف لها أن تحصل على مصدر دخل يؤمنها؟

توافر الإنترنيت اليوم في أغلب المنازل. ويمكن استخدامه بواسطة الهواتف واللابتوب. هذه الأدوات البسيطة التي من الممكن توظيفها لتأدية عمل بسيط. الفتيات اللاتي في المنتدى منهن من قامت ببيع المأكولات، تطهو، تصوّر، تعرضها، ثم تستلم الطلبات. أخرى قررت تصميم العبايات، ومنهن من قامت بشراء ملابس من مواقع آسيوية بسعر يساعد على بيعها والتربح منها.

اليوم لم يعد الخروج من المنزل هو الطريقة الوحيدة كي تعمل المرأة. فأنا أعرف عدداً لا بأس به من المترجمات اللواتي تعلمن اللغة من خلال دروس مجانية متوفرة على الإنترنيت، وتواصلن مع دور النشر وقمن بالترجمة، وصحافيات يعملن في المنزل من خلال إجراء حوار صحافي أو خبر أو حتى تقرير عن كتاب ما، أو صديقتي التي تعيل نفسها وابنتها من خلال التدقيق اللغوي للروايات. كل هذه الأمور من الممكن أن توفر للمرأة مبلغاً بسيطاً، وهي بدائل مؤقتة حتى تتخلص من المتسلط، أو القيود.

يجب على المرأة عدم الجلوس بين الحيطان والتذمر من حالها. ولكن عليها أن تبحث عن شيء تجيده. تستخدم كل ما حولها لأجل تغيير حياتها. ومن تضمن نفسها اقتصاديا، تستطيع التكفل بنفسها والوقوف على قدمها ثم الانتقال إلى مكان آخر إذا اقتضت الحاجة.

كما أن جلوس المرأة في المنزل بدون انتاجية على صعيد الأسرة والمجتمع يعد أمراً طبيعياً. لقد وضعها المجتمع في هذه الخانة، فلا تجد أحدهم ينعتها بعديمة المسؤولية كما يُطلق على الرجل الجالس في المنزل ولا يعمل. هذه المفاهيم الخاطئة أسست لنا جيلاً من النساء الجالسات في المنزل، بعضهن بقيود وبعضهن كسولات متذمرات.

لأمنحكم مثالاً حياً ومشهورا عن امرأة استخدمت أبسط الوسائل لتحدث تغييراً هائلاً في حياتها وفي العالم أكمله: في طفولتها تخلص منها والدها هي وشقيقتها ورماها في ملجأ الأيتام، حيث تعلمت هناك الخياطة على يد الراهبات. بعد تركها للميتم عملت خياطة صباحاً ومطربة ذات صوت سيء مساءً. كانت تكافح لأجل تغيير حياتها، رغم استسلام أختها وزواجها من رجل ثري وتركها لوحدها تواجه مصيرها في محاولتها لتكون مطربة. هذه الفتاة لم تكن تعير أي اهتمام لموهبتها كخياطة. هي تريد الشهرة، اعتقاداً منها أن الشهرة ستكون من خلال الغناء. وخلال تلك المدة التي أمضتها في الجري وراء الأوهام، أصابها الافلاس. فانتقلت إلى الريف لتعيش مع شخص تعرفت عليه مؤخراً في منزله الفخم. وهناك اختلطت بشلة أصدقائه من النساء والرجال. ولأنها تعيش على نفقته، أجبرها على تسلية ضيوفه، رغم امتعاضها وشجارها معه إلا أنها كانت بحاجة إليه، خاصة مع وضعها المالي السيء. ولأنها لا تملك ملابس راقية لحضور الحفلات، كانت تصمم ملابسها وقبعاتها بالأدوات المتوفرة لديها من ملابس الرجل الذي تسكن لديه. لفتت تصاميمها أنظار النساء، وسؤالهم المستمر عن مكان العثور على تصاميمها منحها القوة والعزيمة على فتح محل في باريس لبيع القبعات. وساندها أحد الرجال. ولكن الرجل التي كانت عنده قال له “لا تضع هذه الأفكار التي لن تأخذها إلى أي مكان في عقلها”.

لم تكن هذه الفتاة إلا كوكو شانيل، التي صنعت منها أفكارها رمزاً للأناقة. لو إنها أصرت على الغناء لما كانت اليوم ذات اسم رنان كما يعرفها العالم. ولكنها بحثت عن الشي الذي تجيده ومارسته وبذلك تغيرت حياتها.

في الختام عزيزتي المرأة... مهما كانت ظروفك ومحيطك يخنقك، يجب عليك أن تحاولي تغييره. ومن يقف بينك وبين أهدافك هي نفسك فقط. ابتعدي عن اليأس، وآمني بنفسك وقدراتك. استخدمي كل الامكانيات التي حولك ولو كانت محدودة. فهناك عالم افتراضي غير محدود يوفر لك المعلومات والسبل اللازمة للنجاح. وهو طريقتك للتواصل مع العالم الخارجي. استغلي وقتك هذا لخلق فرصة الاستقلالية المادية. اعتمدي على مواهبك وطاقاتك حتى لو قلتِ أنا لا أجيد شيئا فلو فتشتي بداخلك لوجدت أنكِ تملكين موهبة وطاقة وأفكار ستذهب إلى التراب إن لم تستخدميها. استغلي فرصة وجودك على هذه الأرض ليكون لحياتك معنى وهدف.

لقد انتقل الكثير من النشاطات والتبادلات من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي. وبما أنك استطعتِ خلق عالم افتراضي ناجح لك، فبالتأكيد سينعكس هذا النجاح على عالمك الواقعي. وهناك أمثلة كثيرة حية على هذا النجاح. وتذكري دائما أن الطرف الذي يعيلك هو الطرف المتحكم بك. لذلك عيلي نفسك لتكوني سيدتها.




تعليقات

المشاركات الشائعة